يُعد قانون التأمين الصحي الشامل رقم 2 لسنة 2018، أحد أهم القوانين التي صدرت خلال السنوات الماضية، وهو نظام إلزامي يقوم على التكافل الاجتماعي ويهدف إلى توفير تغطية تأمينية لجميع المواطنين المصريين القادرين وغير القادرين التي ستحصل على دعم من الحكومة، بالإضافة إلى تغطية اختيارية للمصريين المقيمين في الخارج، وتغطية لجميع الأجانب المقيمين في مصر، مع مراعاة اتفاقات المعاملة بالمثل. ويهدف نظام التأمين الصحي إلى التصدي للتحديات التي تواجه النظام الصحي الحالي، ومعالجة القصور في نظام الهيئة العامة للتأمين الصحي “القديم”؛ من ارتفاع معدلات الإنفاق الشخصي، ومحدودية الاختيار بين مقدمي الخدمات، وضعف مستوى الاستدامة المالية لنظام التأمين. ورصدت دراسة أعدها المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية عدد من التحديات التي تواجه منظومة التأمين الصحي الشامل في مرحلته الثانية ، وأبرزها: ● مصادر التمويل: ذلك لأن الزيادة التي تحدث في تحصيل الاشتراكات لن يقابلها زيادة في النفقات بسبب زيادة التكاليف الطبية الناتجة عن هذا الإدخال، خاصة وأن محافظات المرحلة الثانية ذات كثافة سكانية مرتفعة، فضلًا على أن الدولة تتحمل أعباء غير القادرين، مما قد يؤدي إلى حدوث عجز مالي في تطبيق المرحلة الثانية. ● تسجيل العاملين في القطاع غير الرسمي: تعد إحدى التحديات التي تواجه المنظومة، وهي تسجيل المواطنين العاملين في القطاع غير الرسمي، والذي يصعب ضمهم إلى نظام الضريبة على الدخل، لذلك يقترح العمل على إيجاد مصادر تمويلية إضافية. ● انخفاض قدرات البنية التحتية الصحية: ستواجه المنشآت الصحية إشكالية زيادة عدد المنتفعين نتيجة تغطية المنظومة لجميع المواطنين، في الوقت الذي تعاني فيه مصر انخفاضًا في قدرات البنية التحتية الصحية. ● عدم كفاية الأطقم الطبية: يواجه المشروع معضلة انخفاض عدد الكوادر الطبية المصرية بسبب ارتفاع معدلات الهجرة في المجال الطبي، حيث تشير البيانات إلى استقالة 11 ألف طبيب مصري من أصل 120 ألف طبيب، بسبب انخفاض رواتبهم وغياب أطر الحماية أثناء تأدية عملهم. وأشارت الدراسة إلي أن منظمة الصحة العالمية أكدت أن متوسط معدل الأطباء في مصر بالنسبة إلى المواطنين وصل إلى 7.09 أطباء لكل 10 آلاف مواطن في سنة 2019، مقابل الحد الأدنى المقبول به وهو 10 أطباء لكل 10 آلاف مواطن. وبالإضافة إلى انخفاض النسبة فإن المنظومة الصحية تعاني أيضًا عدم عدالة التوزيع. وأكدت الدراسة علي أن إشراك مقدمي الخدمات الصحية من القطاع الخاص يقترن تنفيذ التغطية الصحية الشاملة بالمحافظات ذات الكثافة العالية التوسع في تطوير الخدمات والبنية التحتية من أجل مواكبة الطلب المتزايد على الرعاية الصحية. وأكدت علي ضرورة التوسع في إشراك القطاع الخاص بوصفهم أطرافًا فاعلة في النظام الصحي، لا سيما في مجال العيادات الخارجية ورعاية مرضى الأقسام الداخلية في المستشفيات، مما يشجع المنافسة الصحية والتكامل بين القطاعين، ويساعد على تقليل الفجوة الصحية في المحافظات ذات الكثافة السكانية المرتفعة والمحافظات التي بها نقص في البنية التحتية الصحية، مما يعزز من تكامل القطاعين لخدمة المنتفع. ● كما أوصت الدراسة بتعزيز الشراكة مع المجتمع المدني من الضروري عقد شراكات مع منظمات المجتمع المدني والتي لها دور كبير في تقديم خدمات صحية لقرى محافظات الوجه القبلي والبحري، وذلك من خلال تدشينها لبعض المستشفيات والمراكز ذات الخدمات المتوسطة وبأجر بسيط وتلعب دور مهمًا في تقديم الخدمات الصحية بتلك القرى، مما يستوجب التكامل معها واشراكها في المنظومة، خاصة وأن هذه الجمعيات لديها بنية تحتية قائمة بالفعل، مما يسهم في صمان استمرارية المنظومة، فضلًا عن تمويل النظام الجديد عن طريق التبرعات الخيرية وخلافه. ذلك علاوة على أنها قد تساعد في بناء منشآت صحية يتم التعاقد معها عن طريق التأمين الصحي بحيث لا تهدف إلى الربحية وتقوم بوضع هامش ربح بسيط. كذلك تعظيم دور منظمات المجتمع المدني في التوعية بضرورة التسجيل في مشروع التأمين الصحي الشامل عن طريق عمل ندوات ومواد استرشاديه ومطبوعات للتوعية. واختتمت الدراسة بأن الاستمرار في تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل أمر غاية في الأهمية لتوفير رعاية صحية شاملة لجميع المواطنين والقضاء على التفاوت المجتمعي في الحصول على الخدمات الصحية.