الارشيف / فن / عكاظ

عمران ﻳﻀﻊ «اﻟﺼﺤﻮة اﻟﺸﻴﻌﻴﺔ» ﻋﻠﻰ ﺧﺎرﻃﺔ اﻟﺴﺮد

ﺗﻌﺪ اﻷﺣﺴﺎء ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻤﻜﺎن، وﻣﺎ ﺗﻤﺘﻠﻜﻪ ﻣﻦ ﻣﻮروث وﺗﺮاث وأﻧﻤﻮذج ﻟﻠﺘﻌﺎﻳﺶ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺬاﻫﺐ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﻴﺌﺔ ﺧﺼﺒﺔ وﺟﺎذﺑﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺑﺎت اﻟﺴﺮدﻳﺔ، وﻇﻠﺖ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ اﻟﻤﻮروث ﺗﺤﺪﻳﺪاً ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﺤﻈﻮرة ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﻛﺘﺎب اﻟﺴﺮد ﻓﻲ اﻷﺣﺴﺎء ﺟﺮأة ﻟﻼﻗﺘﺮاب، وﻟﻜﻦ ﺟﻌﻔﺮ ﻋﻤﺮان ﻓﻲ رواﻳﺘﻪ «اﺧﺘﺮاع رﺟﻞ دﻳﻦ» ﺣﺎول أن ﻳﻜﺴﺮ ﻫﺬا اﻟﺤﺎﺟﺰ اﻟﻨﻔﺴﻲ وﻳﺨﻮض ﻏﻤﺎر اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺣﺴﺎﺳﺔ ﺗﺪور أﺣﺪاث اﻟﺮواﻳﺔ ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ ﺗﻨﺒﻌﺚ ﻣﻨﻬﺎ راﺋﺤﺔ اﻷﺣﺴﺎء، وﻓﻲ زﻣﺎن ﻣﻔﺘﻮح ﻟﺬاﻛﺮة اﻟﻘﺎرئ، وﺷﺨﺼﻴﺎت ﻋﺠﻨﺖ ﺑﻄﻴﻨﺔ وﺑﻴﺌﺔ اﻷﺣﺴﺎء ﺑﺘﻨﻮﻋﻬﺎ.

ﺗﺒﺪأ اﻟﺮواﻳﺔ ﺑﺈﺛﺎرة اﻟﺘﺴﺎؤﻻت ﻟﺪى اﻟﻘﺮاء، وإﺳﻘﺎط اﻟﺮﻣﺰ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻟﻴﻤﻬّﺪ اﻷرﺿﻴﺔ ﻟﺪﺧﻮل ﻋﺎﻟﻢ أو رﺟﻞ دﻳﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﻗﻴﻢ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﺠﻴﻞ ﺟﺪﻳﺪ ﺗﺸﻜﻞ ﺑﻮﻋﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ، وﻗﺪ ﺗﻘﻒ أﺻﻮات ﺧﺎرﺟﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻢ واﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻄﻠﺐ رﺟﻞ دﻳﻦ ﻳﻤﻜﻦ ﺑﺮﻣﺠﺘﻪ ﺣﺴﺐ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﻫﺬه اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺎول ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺳﻠﻮك ﻗﺪﻳﻢ، واﺧﺘﺮاق اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺠﻤﻌﻲ ﻟﻠﻘﺮﻳﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺑﻨﺎء وﻋﻲ ﺟﺪﻳﺪ ﺑﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﻋﺼﺮﻳﺔ ﻟﺪى ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﺜﻘﻒ أو اﻟﻤﺘﺪﻳﻦ اﻟﺠﺪﻳﺪ، وﺗﺼﺤﻴﺢ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﻟﺪى اﻟﻤﺘﺪﻳﻦ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ، وﻫﻲ ﻋﻼﻣﺔ ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ وﺟﻮد ﺻﺮاع ﺑﻴﻦ رﺟﻞ اﻟﺪﻳﻦ واﻟﻤﺜﻘﻒ واﻟﻤﺘﺪﻳﻦ اﻟﺠﺪﻳﺪ، وإن ﻟﻢ ﺗﺤﺪد اﻟﺮواﻳﺔ زمنا معينا، إﻻ أن ﺳﻴﺎق اﻷﺣﺪاث ﻳﻌﻄﻲ اﻧﻄﺒﺎﻋﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﺎت، أو ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑـ«اﻟﺼﺤﻮة اﻟﺸﻴﻌﻴﺔ».

اﻟﺮواﻳﺔ ﺗﺼﻒ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب ﻳﻤﺜﻠﻮن ﺗﻴﺎرات ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻳﺤﺎوﻟﻮن اﺧﺘﺮاع رﺟﻞ دﻳﻦ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﻢ واﻧﺘﻤﺎءاﺗﻬﻢ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ وﺗﻮﺟﻬﺎﺗﻬﻢ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ، وإن ﺟﻤﻌﺖ ﺑﻴﻨﻬﻢ اﻟﺼﺪاﻗﺔ واﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ، إﻻ أن اﻟﻬﺪف ﻛﺎن مختلفا ﺑﻴﻨﻬﻢ.

كمتلقٍ وﻗﺎرئ ﻟﻠﺮواﻳﺔ أﺧﺬﺗﻨﻲ اﻷﺣﺪاث ﻟﻔﺘﺮة اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﺎت، وﻓﻲ أوج «اﻟﺜﻮرة اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ 1979م» ﺣﺪﺛﺖ ﺗﻐﻴﻴﺮات اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ اﻷﺣﺴﺎء ﻣﺜﻞ ﺑﻘﻴﺔ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺒﻼد واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﺷﺘﻐﻠﺖ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻴﺎرات ﻣﺴﺘﻐﻠﺔ اﻟﻈﺮوف ﻟﺘﺠﻨﻴﺪ اﻟﺸﺒﺎب ﻟﻠﺪراﺳﺔ اﻟﺤﻮزوﻳﺔ ﻓﻲ «ﻗﻢ» اﻟﺘﻲ ﻓﺘﺤﺖ أﺣﻀﺎﻧﻬﺎ ﻟﻠﻄﻼب اﻟﺸﻴﻌﺔ دون أي ﺷﺮوط، ﻣﻤﺎ أﺣﺪث ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺴﻴﺐ، ﻓﻜﻞ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺠﺪ ﻣﻘﻌﺪا ﻟﻠﺪراﺳﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ أو وﻇﻴﻔﺔ، أو ﻣﻦ ﻛﺎن ﻋﺎﻃﻼ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ، أو ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻮاﺟﻪ ﺿﻐﻮط أﺳﺮﻳﺔ وﻣﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﻳﺬﻫﺐ ﻟﻠﺪراﺳﺔ ﻓﻲ «ﻗﻢ» ﻟﻴﺼﺒﺢ شيخا ﻟﻪ ﻣﻜﺎﻧﺘﻪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس ﺑﻌﺪ ﻋﻮدﺗﻪ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻣﺴﺘﻮى ﺗﺤﺼﻴﻠﻪ اﻟﻌﻠﻤﻲ، وﻣﺪى ﺟﺪﻳﺘﻪ.

وﻛﺎﻧﺖ «ﻗﻢ» ﺗﺴﺘﻘﺒﻞ ﻫﺬه اﻟﻤﺠﺎﻣﻴﻊ ﻷﻫﺪاف ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺳﻴﺎﺳﻲ، وﻟﻴﺲ ﻋﻘﺎﺋﺪي ﻛﻤﺎ اﺗﻀﺢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻣﻤﺎ أدى إﻟﻰ ﺧﺮوج ﻇﺎﻫﺮة ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﻤﺸﺎﻳﺦ، ﻫﺬه اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﻛﻮﻧﺖ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﻃﻠﺒﺔ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ اﻟﻤﺸﺎﻳﺦ اﻷﻓﺎﺿﻞ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺼﺤﻮة، وﻫﻢ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺮﻋﻴﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ اﻟﺬﻳﻦ درﺳﻮا ﻓﻲ اﻟﻨﺠﻒ اﻷﺷﺮف، وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﺎﺻﺪﻫﻢ وأﻫﺪاﻓﻬﻢ واﺿﺤﺔ ﻓﻲ ﻃﻠﺐ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺑﺈﺧﻼص، وﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ أي ﺷﻮاﺋﺐ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ أو مصلحية، ﻫﺬه اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺸﺒﺎﺑﻴﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻮﺻﻴﻒ ﺑﻌﻀﻬﺎ أﻧﻬﺎ وﻗﻌﺖ ﻓﻲ اﻟﻔﺦ اﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ، وﻳﺮى أﺗﺒﺎﻋﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻢ ﺗﻐﻠﻐﻠﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﻧﺸﺮ أﻓﻜﺎرﻫﻢ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ إﺳﻘﺎط اﻟﺮﻣﻮز اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻟﻠﻌﻠﻤﺎء اﻟﻜﺒﺎر اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺘﺮﻣﻬﻢ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻹﻳﺠﺎد ﻓﺮاغ ﻋﻘﺎﺋﺪي واﺟﺘﻤﺎﻋﻲ دﻳﻨﻲ ﻳﺘﺴﻠﻠﻮن ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻷﻓﺮاد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ.

ﻧﺠﺪ ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ ﺣﻀﻮر «اﻟﺠﺒﻞ» ﻛﺘﺄوﻳﻞ دﻻﻟﻲ وﻓﻬﻤﻪ ﻓﻲ اﻟﻨﺺ ﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮد ﻣﻜﺎن ﺟﻐﺮاﻓﻲ ﺑﻞ ﻳﺤﻤﻞ رﻣﺰﻳﺔ ﻓﻲ ﻛﻬﻮﻓﻪ اﻟﻀﻴﻘﺔ اﻟﺼﻌﺒﺔ واﻟﻤﻈﻠﻤﺔ، ﻳﺮﻳﺪون دﺧﻮل اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻜﻬﻮف اﻟﻀﻴﻘﺔ، واﻟﺘﺴﻠﻞ ﻓﻲ اﻟﻈﻼم ﻓﻴﻬﺎ، وﻳﺒﺪأ اﻟﺼﻮت اﻟﺨﺎرﺟﻲ ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ ﺑﺘﻮﺟﻴﻪ ﺗﻮﺻﻴﺎﺗﻪ ﻟﻬﺆﻻء اﻟﺸﺒﺎب ﺑﻤﺎ ﻳﻮﺣﻲ أن ﻫﻨﺎك أﺷﺒﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﺑﺘﻨﻈﻴﻢ ﻋﻘﺎﺋﺪي ﺛﻘﺎﻓﻲ دﻳﻨﻲ ﻳﺘﻢ ﺗﺸﻜﻴﻠﻪ ﺑﺘﻮﺻﻴﺎت: ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن ﻣﻈﻠﻢ، وﻣﻦ أﺑﺮز ﺗﻮﺟﻬﺎﺗﻪ وأﻫﺪاﻓﻪ:

ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺟﻤﺎﻋﺔ، ﺗﻜﻮن أﺷﺒﻪ ﺑﻌﺸﻴﺮة أو رﺣﻢ ﻷﻓﺮادﻫﺎ، وﻫﺬا ﻻ ﻳﺘﻢ إﻻ ﺑﻐﺮس اﻟﺘﻄﺮف ﻓﻴﻬﻢ ﻟﻴﻜﻮﻧﻮا ﻣﺨﻠﺼﻴﻦ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺘﻬﻢ، ﻓﺈذا ﺗﻜﻮﻧﺖ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ، وأﺻﺒﺢ ﻟﻬﺎ ﻋﻘﻞ ﺟﻤﻌﻲ ﻳﺒﺪأ اﻟﺴﻌﻲ إﻟﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻋﻠﻰ أﻓﺮاد اﻟﺠﻤﺎعة وﻫﺬه اﻟﺘﻮﺻﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺎﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﻠﺘﻘﻲ ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺸﺒﺎب، وﻳﻈﻞ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﺴﺘﺘﺮة، وﺗﺨﺘﻔﻲ ﺑﻌﺪ اﻟﻠﻘﺎء دون أي ﻋﻼﻣﺎت ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻫﻮﻳﺘﻪ ﺣﺘﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺮواﻳﺔ ﻣﻤﺎ ﻳﺆﻛﺪ أﻧﻬﺎ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺗﺘﻠﻘﻰ ﺗﻮﺻﻴﺎت ﻣﻦ ﺻﻮت ﺧﺎرﺟﻲ ﻹﻋﺎدة ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻫﻮﻳﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ واﻧﺘﻤﺎئه اﻟﻌﻘﺪي مستعينا ﺑﺎﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻟﺘﺸﻜﻴﻞ وﻋﻲ ﺟﻤﻌﻲ ﻳﺨﺪم ﻣﺼﺎﻟﺤﻪ ﻋﺒﺮ ﻫﺬه اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺘﻲ وﺻﻠﺖ ﻟﻨﺘﻴﺠﺔ اﺧﺘﺮاع رﺟﻞ دﻳﻦ ﻳﺤﻘﻖ أﻫﺪاﻓﻬﺎ، أو ﻫﺪف اﻟﺼﻮت اﻟﺨﺎرﺟﻲ اﻟﺬي ﺗﺸﻜﻠﺖ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﺴﺘﺴﻠﻤﺔ لوعيه.

ﺗﻌﺘﻤﺪ اﻟﺮواﻳﺔ ﻓﻲ وﺻﻒ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻌﺪ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻹﺑﺮاز ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ واﻟﻤﻮاﻗﻒ، وﺗﺄﺛﻴﺮ اﻟﺒﻴﺌﺔ واﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﺒﺎع اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت، ﻓﺎﻟﻘﺮﻳﺔ وﺑﺴﺎﻃﺘﻬﺎ وﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺘﺪﻳﻨﺔ وﻣﺤﺎﻓﻈﺘﻪ، واﻟﻤﺴﺘﻮى اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﺸﺨﺼﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻔﻘﻴﺮ واﻟﻤﺘﻮﺳﻂ، ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ روﻣﺎﻧﺘﻴﻜﻴﺔ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﺬي ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت، وﻳﻨﺴﺠﻢ ﻣﻊ رؤﻳﺘﻬﻢ ﻟﻠﻤﻔﺎﻫﻴﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﻟﻠﺤﻴﺎة، وﻳﺒﺪو اﻟﻤﻜﺎن ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن ﺧﺰانا ﺣﻘﻴﻘيا ﻟﻸﻓﻜﺎر واﻟﻤﺸﺎﻋﺮ واﻟﺤﺪوس، ﺣﻴﺚ ﺗﻨﺸﺄ ﺑﻴﻦ اﻹﻧﺴﺎن واﻟﻤﻜﺎن ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺘﺒﺎدﻟﺔ، ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﻞ ﻃﺮف ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮ.

وﺗﺘﻔﻖ ﺷﺨﺼﻴﺎت اﻟﺮواﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻫﺪاف، وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻓﻲ اﻟﺪواﻓﻊ، ﻓﻬﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﺴﻌﻰ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ ﺑﺪاﻓﻊ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ «ﻫﺎدي». وﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﺴﻌﻰ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺪاﻓﻊ اﻟﻜﺴﺐ اﻟﺸﺨﺼﻲ واﺳﺘﻐﻼل اﻟﻨﻔﻮذ ﻛﺸﺨﺼﻴﺘﻲ «أﻟﺒﺮﺗﻮ وﻗﻴﺲ» ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ

وﻳﺘﻀﺢ اﻟﺨﻼف ﺑﻴﻦ اﻷﻋﻀﺎء ﺣﻮل أﻫﺪاف اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺗﺄﺳﻴﺴﻬﺎ.

وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺸﺘﺪ اﻟﺼﺮاع واﻟﺨﻼف ﺑﻴﻦ ﻫﺎدي اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﺘﺪﻳﻨﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ، وﻗﻴﺲ اﻟﻄﺎﻣﺢ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮ ﻓﻲ أﺣﺪاث اﻟﺮواﻳﺔ، وﻳﺘﻔﺎﺟﺄ اﻟﻘﺎرئ ﺑﻤﻮت «ﻫﺎدي» ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﻨﻌﺔ، -ﺗﺪﺧّﻞ ﺻﻮت اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻫﻨﺎ-، واﺧﺘﺎر ﻣﻮت ﻫﺎدي اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﺘﺪﻳﻨﺔ ﺑﻌﺪ ﺣﻮار اﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ﻣﻊ ﻗﻴﺲ، رﺑﻤﺎ أراد أن ﻳﻔﺘﺢ اﻟﻤﺠﺎل ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺮواﺋﻲ ﻟﻠﻤﺜﻘﻒ ﻗﻴﺲ ﻟﻴﻜﻤﻞ دور اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ، وﻳﺨﺘﺒﺮ ﻗﺪرات اﻟﻤﺜﻘﻒ ﻋﻠﻰ إدارة اﻷزﻣﺎت واﻟﺠﻤﻮع، وﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ وﺟﺪت ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺗﺘﻤﺰق وﺗﺘﺸﺘﺖ، ﺑﻞ ﺗﺘﺂﻣﺮ ﻋﻠﻰ أﺣﺪ أﻋﻀﺎﺋﻬﺎ وﻫﻮ رﺟﺐ اﻟﺬي أﻟﺼﻘﺖ ﺑﻪ اﻟﺘﻬﻢ.

ﻛﺎن اﻟﻤﺆﻟﻒ ﺣﺬراً وحساسا ﻓﻲ ﺗﻨﺎول وﺣﻮار اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت، وﻳﺘﻔﻬﻢ اﻟﻘﺎرئ ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ ودﻗﺔ اﻧﺘﻘﺎء اﻟﺤﻮارات ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺤﻘﻮل ﻣﻦ اﻷﻟﻐﺎم اﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳﺔ، وﻟﻜﻦ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل إن ﺟﻌﻔﺮ ﻋﻤﺮان ﺳﺎر ﻓﻲ ﺣﻘﻮل ﻣﻦ اﻷﻟﻐﺎم، وﻧﺠﺢ ﻓﻲ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﺷﺎطئ اﻷﻣﺎن، ورﺑﻤﺎ ﺗﻔﺘﺢ رواﻳﺘﻪ اﻷﻓﻖ ﻟﻠﻜﺘﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﻟﻸﺟﻴﺎل اﻟﻘﺎدﻣﺔ.


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر منقول وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا