في وقت تشهد فيه غزة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في القرن الواحد والعشرين، تتكشف يوميًا أدلة دامغة على جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين، وسط حصار خانق وسياسات ممنهجة تستهدف تفكيك مقومات الحياة الفلسطينية في القطاع المنكوب.
وبينما يُحرم ملايين الفلسطينيين من الغذاء والدواء والمأوى، كشف مسؤول أممي عن مشاهد صادمة يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين، في ظل صمت دولي يهدد بتقويض مصداقية القانون الدولي ونظام العدالة العالمي.
كشف جوناثان ويتال، رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة "أوتشا" لصحيفة "الجارديان" البريطانية، أنه بعد مؤتمر صحفي عقده في غزة يوم 22 يونيو الماضي، تحدث فيه عن استهداف مدنيين جائعين أثناء محاولتهم الحصول على الطعام، ردت السلطات الإسرائيلية بقرار عدم تجديد تأشيرته، وأبلغته بوجوب مغادرة الأراضي المحتلة بحلول 29 يوليو. وهو ما وصفه بأنه جزء من "حملة إسكات ممنهجة"، تترافق مع تضييق متزايد على عمل المنظمات الدولية والفلسطينية، بما في ذلك فرض قيود تسجيل مشددة تمنع أي انتقاد لإسرائيل، ومنح تأشيرات عمل قصيرة الأمد لموظفي الأمم المتحدة وفق تصنيفات "جيد، سيئ أو قبيح".
جرائم بحق المرضى والمستشفيات
التقارير الميدانية كشفت أن الاحتلال يتبع سياسة تهدف إلى تفكيك مقومات الحياة الفلسطينية. فقد وثّق العاملون الإنسانيون عمليات إجلاء لمرضى من غرف عناية مركزة مظلمة في مستشفيات مدمرة سيطرت عليها قوات جيش الاحتلال، حيث كان يُدفن الموتى في ساحات المستشفيات من قبل فرق طبية منهكة فقدت زملاءها الذين اقتيدوا قسرًا.
كما تم العثور على مقابر جماعية في باحات مستشفيات أخرى، حيث كانت عائلات تبحث بين الملابس الممزقة عن ذويها الذين تعرضوا للقتل أو الإخفاء القسري. وفي حوادث أخرى، أجبر جنود إسرائيليون فرق الإغاثة على إخراج مرضى مصابين بإصابات خطيرة من سيارات الإسعاف تحت تهديد السلاح.
وقال جوناثان: "المسعفون قُتلوا ودفنوا تحت سيارات الإسعاف التي سحقها الاحتلال. ملاجئ مكتظة بالنازحين جرى قصفها، ما أسفر عن مقتل وإصابة أطفال كانوا في أحضان ذويهم. جثث تُركت في الشوارع تنهشها الكلاب الضالة. نداءات استغاثة صادرة من تحت الأنقاض، لم يُسمح لفرق الإنقاذ بالوصول إليها حتى فارق أصحابها الحياة. أطفال يموتون جوعًا بسبب سياسات الحصار، فيما تُحاصر قوافل المساعدات وتُعرقل بشكل متعمد".
وذكر المسؤول الأممي: "لا يمكن لهذه الأعمال الانتقامية أن تمحو الواقع الذي نشهده يوميًا، ليس فقط في غزة، بل في الضفة الغربية أيضًا. ما لاحظته هناك يبدو مختلفًا عما يحدث في غزة، لكن ثمة هدفًا واحدًا وهو قطع التواصل الجغرافي وإجبار الفلسطينيين على العيش في جيوب معزولة تتقلص باستمرار"، مؤكدًا أن الفلسطينيين في الضفة الغربية يتعرضون يوميًا للإكراه والاحتواء، إذ يُجبرون على الخروج من المناطق التي تتوسع فيها المستوطنات، بفعل عنف المستوطنين وعمليات الهدم، ويُحاصرون بشبكة من القيود على الحركة، ويدخلون إلى مناطق سكنية معزولة تشهد عمليات عسكرية متزايدة.
"قتل المسعفين"
وبالنسبة لعمال الإغاثة الذين قتلوا بغارات الطائرات ونيران الدبابات الإسرائيلية أثناء محاولتهم إيصال المساعدات، أوضح المسؤول الأممي، أنه تم إعادة جثثهم وجمعنا جثث عائلات العاملين في المنظمات غير الحكومية الذين قُتلوا في مواقع تُصنفها القوات الإسرائيلية على أنها "مواقع إنسانية".
وقال رئيس مكتب "أوتشا": "لقد رأينا مسعفين بزيهم الرسمي يُقتلون ويُدفنون تحت سيارات الإسعاف التي سحقتها القوات الإسرائيلية. قُصفت ملاجئ النازحين المكتظة، والآباء يتشبثون بأطفالهم الجرحى أو القتلى. جثث لا تُحصى في الشوارع تنهشها الكلاب. ينادون من تحت الأنقاض، بينما يُمنع عنهم المسعفون حتى فارقوا الحياة. أطفال يعانون سوء التغذية بينما تشق المساعدات طريقها وسط عوائق لا تُقهر".
عرقلة المساعدات
وأوضح أحد مسؤولي القوافل الإنسانية أنه خلال محاولة إدخال مساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، رافقوا شاحنات فارغة في مسار معقد فرضه الاحتلال. وعند وصولهم، أُغلقت البوابة لساعات بينما احتشد آلاف المدنيين الجائعين على أمل الحصول على الغذاء. وخلال الانتظار، استُشهد أحد المدنيين برصاصة في ظهره من اتجاه القوات الإسرائيلية.
وأضاف: "هذه القوافل استغرقت 15 ساعة، وفي أحيان كثيرة يُقتل الناس وهم ينتظرون وصول الطعام".
كما تحدث عن نهب بعض المساعدات من قبل مجموعات مسلحة تحت أنظار الجيش الإسرائيلي، في وقت تتصاعد فيه القيود على دخول المساعدات منذ انتهاء الهدنة الأخيرة، لتتحول الفوضى وسفك الدماء إلى المشهد اليومي.
احتلال غير المشروع
محكمة العدل الدولية أكدت في قراراتها الملزمة أن إسرائيل مطالبة بوقف الانتهاكات ومنع الأعمال المحظورة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، والسماح بتدفق المساعدات والخدمات الأساسية. كما شددت في رأيها الاستشاري الأخير أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي لغزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، يُعد غير قانوني بموجب القانون الدولي.
والمراقبون يرون أن ما يحدث ليس مصادفة ولا نتيجة طبيعية للحرب، بل ثمرة قرارات سياسية متعمدة تهدف إلى تفتيت المجتمع الفلسطيني ودفعه إلى أزمات متلاحقة. ومع استمرار الاحتلال والحصار، باتت غزة غارقة تحت وطأة القصف والجوع ونقص أبسط مقومات الحياة، فيما يفقد النظام الدولي مصداقيته نتيجة ازدواجية المعايير وتغاضيه عن الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين، بحسب "ذا جارديان".
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الحكاية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الحكاية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
انتبه: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة مصر اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر منقول وانما تم نقله بمحتواه كما هو من مصر اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.