أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، عددًا جديدًا من سلسلته الدورية "تقارير معلوماتية" تحت عنوان "المعادن الحيوية ودورها في دعم تحولات الطاقة"، والذي تضمن مجموعة من الأقسام تناولت الإطار المفاهيمي للمعادن الحيوية، والمشهد العالمي لها، بالإضافة إلى أبرز التجارب الدولية والإقليمية الرائدة في تأمين المعادن الحيوية، حيث أوضح التقرير أن المعادن الحيوية تلعب دورًا حيويًا في دعم تحولات الطاقة، كونها تعد مكونًا أساسيًا في العديد من تقنيات الطاقة سريعة النمو في عصرنا الحالي، بدءً من توربينات الرياح وشبكات الكهرباء وصولًا إلى المركبات الكهربائية، ويتزايد الطلب على هذه المواد بسرعة مع تسارع وتيرة تحولات الطاقة.
وبشكل عام تختلف أهمية كل معدن حسب التقنية المستخدم من أجلها، إذ يعد كل من الليثيوم والنيكل والكوبالت والمنجنيز والجرافيت عناصر هامة لإنتاج البطاريات، بينما تعتبر العناصر الأرضية النادرة ضرورية لصناعة المغناطيسات الدائمة المستخدمة في توربينات الرياح ومحركات المركبات الكهربائية، كما تحتاج شبكات الكهرباء إلى كميات تحتاج شبكات الكهرباء إلى كميات هائلة من الألومنيوم والنحاس، حيث يشكل الأخير حجر الزاوية في جميع التقنيات المتعلقة بالكهرباء.
واستعرض التقرير مفهوم التعدين حيث يُعرف بأنه عبارة عن عملية استخراج للمواد المفيدة من الأرض وهناك نوعان رئيسيين التعدين السطحي ويقتصر على تفجير الأرض، بحيث يمكن إزالة الخامات القريبة من سطح الأرض ونقلها إلى المصافي لاستخراج المعادن، والنوع الثاني هو التعدين تحت الأرض حيث يتم من خلاله إزالة الخامات من أعماق الأرض ويقوم عمال المناجم بحفر وتفجير أنفاق داخل الصخور للوصول إلى رواسب الخام.
وأشار التقرير إلى أن مفهوم "المعادن الحيوية" اكتسب اهتمامًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، نظرًا لأن التقنيات الجديدة التي تشكل التحولات الخضراء والرقمية، تستخدم كميات من المعادن بشكل كبير مقارنةً بالتقنيات التقليدية الأخرى، فعلى سبيل المثال تتطلب محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية ومزارع الرياح والمركبات الكهربائية كميات من المعادن أعلى من نظيراتها القائمة على الوقود الأحفوري؛ حيث يتطلب إنتاج مركبة كهربائية واحدة نحو ستة أضعاف المدخلات المعدنية من كمية المعادن اللازمة لإنتاج المركبة التقليدية، كما تتطلب محطة الرياح البرية معادن أعلى بتسعة أضعاف من المحطة التي تعمل بالغاز الطبيعي.
وتناول التقرير اتجاهات السوق العالمية للمعادن الحيوية، حيث بلغ حجم الطلب العالمي على أبرز المعادن الحيوية استخدامًا وهي "النيكل، والكوبالت، والليثيوم، والنيوديميوم، والمعادن الأرضية النادرة، والمعادن المغناطيسية، والجرافيت" بمختلف استخداماتها 35.4 مليون طن في عام 2024، ومن المتوقع تزايد هذا الطلب بشكل كبير ليصل إلى 44.8 مليون طن في عام 2030، و52.2 مليون طن بحلول عام 2040، وذلك وفقًا لتقديرات الوكالة الدولية للطاقة.
وتم تخصيص 28.3% من إجمالي الطلب العالمي على المعادن الحيوية في عام 2024 لتقنيات الطاقة النظيفة، ومن المتوقع ارتفاع تلك النسبة لتصل إلى 37.8% في عام 2030، كما بلغ إجمالي حجم التعدين العالمي لأبرز المعادن الحيوية استخدامًا (النحاس، الكوبالت، الليثيوم، النيكل، المعادن الأرضية النادرة المغناطيسية، والجرافيت) 29.1 مليون طن في عام 2024، في حين بلغ حجم ما تم معالجته نحو 32.9 مليون طن، ومن المتوقع أن يبلغ إجمالي العرض العالمي من المعادن الحيوية المعالجة نحو 41 مليون طن في عام 2040.
وأشار التقرير إلى أبرز الدول المنتجة للمعادن الحيوية حول العالم، فعلى الرغم من التوقعات بتزايد الطلب العالمي على المعادن الحيوية، فإن التحدي الأكبر يتمثل في تركّز الإنتاج العالمي في عدد محدود من الدول، سواء في مراحل التعدين أو المعالجة، ووفقًا للوكالة الدولية للطاقة تسيطر الصين على تعدين المعادن الأرضية النادرة بنسبة 61% من الإنتاج العالمي، و86% من إنتاج الجرافيت في عام 2024، وكما تسيطر الصين على جزء كبير من المعادن الحيوية، فإن دولة الكونغو الديمقراطية تهيمن في المقابل على ما نسبته 67% من تعدين معدن الكوبالت عالميًا.
وعلى جانب معالجة المعادن الحيوية فإن هناك أيضًا هيمنة واضحة من قبل الصين ومن بينها سيطرتها بشكل كامل على معالجة معدن الجرافيت حول العالم بما نسبته 95.7% كما تعالج، 91.3% من إجمالي المعالجة العالمية للمعادن الأرضية النادرة.
وبالحديث حول خارطة التجارة الدولية للمعادن الحيوية حسب الأقاليم والدول، فإن الدور الهام للمعادن الحيوية في الاقتصاد العالمي يظهر من خلال مساهمتها في التجارة العالمية والتي بلغت 10% في عام 2023 من إجمالي الصادرات العالمية، بقيمة إجمالية بلغت 2.5 تريليون دولار، وعلى مستوى المناطق (خام أو شبه معالجة) فقد شهدت قيمة صادرات المعادن الحيوية تطورًا ملحوظًا خلال الفترة (2014 - 2023) والتي ارتفعت من 1.8 تريليون دولار في 2014 لتصل إلى 2.5 تريليون دولار في عام 2023 وكانت أعلى قيمة لها خلال تلك الفترة في عام 2022 والبالغة 2.7 تريليون دولار، وتعبر آسيا هي أكبر سوق مصدرة للمعادن الحيوية على مستوى العالم، والتي استحوذت على ما نسبته 32.7% من إجمالي الصادرات العالمية للمعادن الحيوية (خام وشبه معالجة) في عام 2023، يليها أوروبا 28.5%.
كما شهدت قيمة الواردات من المعادن الحيوية أيضًا تطورًا ملحوظًا خلال تلك الفترة "2014- 2023"، والتي ارتفعت من1.9 تريليون دولار في عام 2014، لتصل إلى 2.6 تريليون دولار في عام 2023، وكانت أعلى قيمة لها خلال تلك الفترة في عام 2022 أيضًا، والبالغة 2.8 تريليون دولار، كما أن 58.5% من إجمالي الواردات العالمية للمعادن الحيوية (خام وشبه معالجة) في عام 2023 كانت من نصيب آسيا، ما يجعلها أكبر مستورد لهذه المعادن، يليها أوروبا بنسبة 27.2%.
وفيما يتعلق بالفاعلون الرئيسيون في صادرات وواردات المعادن الحيوية عالميًا، تعتبر الصين هي المهيمن الأكبر على سوق المعادن الحيوية على مستوى العالم سواء من حيث الصادرات أو الواردات، وتتصدّر كل من أستراليا، والولايات المتحدة الأمريكية، وسويسرا، والصين، وروسيا قائمة أكبر الدول المصدّرة للمعادن الحيوية على مستوى العالم، ففي عام 2022 بلغ إجمالي صادرات هذه الدول مجتمعة نحو 678 مليار دولار، ما يمثل حوالي 30% من إجمالي صادرات العالم من المعادن الحيوية، والتي بلغت قيمتها 2.3 تريليون دولار في ذلك العام، وقد حافظت هذه الدول على هيمنتها في سوق صادرات المعادن الحيوية عالميًا خلال النصف الأول من عام 2023 أيضًا، بإجمالي صادرات بلغ 319 مليار دولار، بنسبة مماثلة لتلك المسجلة في عام 2022 وهي 30%، وقد بلغ حجم صادرات المعادن ذات الطلب المرتفع المرتبطة بتقنيات الطاقة المتجددة (النحاس، البلاتين، المعادن الأرضية النادرة، معادن وأحجار وخامات أرضية أخرى" في عام 2022 نحو 373.1 مليار دولار، وجاءت تشيلي في مقدمة الدول المصدرة لتلك المعادن بنسبة 11% من إجمالي الصادرات، يليها جنوب إفريقيا بنسبة 10%.
وفيما يتعلق بأكبر الدول المستوردة للمعادن الحيوية على مستوى العالم فهي تتمثل في (الصين والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا والهند والمملكة المتحدة) ففي عام 2022 بلغ إجمالي واردات تلك الدول مجتمعة نحو 876 مليار دولار بما نسبته 38% من إجمالي واردات العالم من المعادن الحيوية حينها، والبالغة 2.3 تريليون دولار، كما كانت تلك الدول هي أكبر المستوردين أيضًا للمعادن الحيوية خلال النصف الأول من عام 2023 بقيمة إجمالية بلغت 415 مليار دولار، أي ما يعادل 38% من إجمالي واردات العالم من المعادن الحيوية خلال الفترة، وكان نصيب الصين 17% من إجمالي الواردات العالمية من المعادن الحيوية خلال النصف الأول من عام 2023، حيث بلغت قيمة وارداتها نحو 186 مليار دولار ، وتعزز الصين هذا الدور عبر هيمنتها على إنتاج العديد من المعادن الحيوية عالميًا، بفضل موقعها الريادي في مجال المعالجة والتكرير.
وقد بلغت قيمة الواردات العالمية من المعادن الحيوية ذات الطلب المرتفع المرتبطة بتقنيات الطاقة المتجددة 375.3 مليار دولار في عام 2022، وكانت الصين أكبر مستورد للمعادن الحيوية في هذا العام، حيث شكلت 33% من الإجمالي العالمي، يليها الاتحاد الأوروبي بنسبة 16%.
واستعرض التقرير الأهمية الاقتصادية للدول العربية والإفريقية في الإنتاج العالمي للمعادن الحيوية حيث تنتج الدول العربية 27 معدنًا حيويًا منها 14 معدنًا تُستخدم في تحول الطاقة، و13 معدنًا تُعد ذات أهمية اقتصادية، وذلك وفقًا لتقرير صادر عن منظمة "الإسكوا" في عام 2023، وبالمقارنة عالميًا تمثل هذه المعادن حوالي 48% من إجمالي عدد المعادن الحيوية المعترف بها عالميًا في عام 2020.
ووفقًا لبيانات عام 2023 الصادرة عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد"، فإن قارة إفريقيا تستحوذ على 48% من الاحتياطات العالمية من الكوبالت، وتُعَد أفريقيا موطنًا لثروة كبيرة من المعدان الحيوية الأساسية لصناعات الطاقة المتجددة، مثل الألواح الشمسية، والمركبات الكهربائية، كما تستحوذ القارة أيضًا على 48% من احتياطات المنجنيز، و22% من الجرافيت إلى جانب معادن حيوية أخرى، وعلى الرغم من الاحتياطات الضخمة التي تمتلكها القارة الإفريقية من تلك المعادن الضرورية لتحول الطاقة، فإن القارة لم تستطع استغلال تلك المعادن بالشكل الأمثل، حيث لا تحقق سوى 40% تقريبًا من الإيرادات المحتملة لهذه الموارد، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل من بينها ضعف القيمة المضافة، والبنية التحتية، وتحديات الحوكمة.
كما أوضح التقرير أهم التحديات التي تواجه استخدام المعادن الحيوية في تقنيات الطاقة المتجددة والتي تمثلت في "التركيز الجغرافي للمعادن، وصعوبة الوصول إلى توقعات دقيقة لحجم المعروض العالمي، وقيود التصدير، والتأثيرات البيئية، والآثار الاجتماعية".
واستعرض التقرير أبرز التجارب الدولية الرائدة في تعزيز وتأمين سلاسل إمداد المعادن الحيوية، من خلال استعراض نماذج مختارة لدول نجحت في تطوير قدراتها في هذا المجال، وتم في هذا الإطار تناول تجارب كلًا من "كندا، والصين، وأستراليا، والاتحاد الأوروبي".
كما تناول التقرير استعراضًا للإطار الاستراتيجي للتعدين المستدام لدعم التحول في مجال الطاقة في الدول العربية، حيث أشارت منظمة "الإسكوا "ESCWA في تقريرها لعام 2023 بعنوان "دور المعادن والمواد الخام في دعم التحول الطاقي في المنطقة العربية" إلى أهمية وضع إطار شامل واستراتيجي لدعم التعدين المستدام في المنطقة العربية، لا سيّما في سياق التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة واقتصاد منخفض الكربون، وتتمثل أهم محاوره في: "التخطيط الاستراتيجي وخرائط الطريق الواضحة، واللوائح البيئية المناسبة، والضمانات الاجتماعية وتقاسم المنافع، والحكومة الفعالة، واستثمارات من أجل التعدين المستدام، وإطار عمل اقتصاد الكربون الدائري، والتكنولوجيا والابتكار، والشراكات، وأخيرًا بناء القدرات والتدريب".
وتمثل هذه التوصيات ركيزة أساسية لتوجيه مسار التعدين المستدام في المنطقة العربية حيث تركز على بناء منظومة متكاملة توازن بين استغلال الموارد المعدنية وتحقيق التنمية المستدامة، ويُعَد تبني نهج استراتيجي طويل الأجل، يقوم على مبادئ الحكومة الرشيدة، والاستثمار في البنية المؤسسية والمعرفية، وتطوير الشراكات الفاعلة، أمرًا ضروريًا لتعزيز تنافسية القطاع وتقليل أثره البيئي والاجتماعي، كما أن تفعيل هذه السياسات والتوصيات بشكل عملي ومنسق من شأنه أن يُسهم في ضمان أمن الإمدادات من المعادن الحيوية، ويُعزز من قدرات الدول العربية على الاستفادة المثلى من ثرواتها المعدنية ضمن إطار اقتصادي أخضر وعادل.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
انتبه: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة مصر اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر منقول وانما تم نقله بمحتواه كما هو من مصر اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.