فى مدينة العشق والجمال المطلة على البحر الأبيض المتوسط.. لم يعد الصياد البورسعيدي يكتفى بالبوري والدنيس والجمبري، بل وجد في الحنشان أو ثعبان البحر كنزًا جديدًا من أعماق البحر، يروي حكاية طعامٍ فريدٍ يجمع بين الطعم المميز والقيمة الغذائية العالية.

يعد الحنشان أكلة بحرية لا يعرف سرّها إلا أهل الموانئ، الذين حولوا هذا الكائن الغريب الشكل إلى وجبة شتوية فاخرة تتصدر الموائد الشعبية.

يُصطاد الحنشان عادة في مياه البحر المتوسط قبالة سواحل بورسعيد، ويحتاج صيده إلى مهارة خاصة، إذ يختبئ في الرمال والطين قرب الصخور البحرية، وبمجرد خروجه من البحر، يبدأ التجار في تنظيفه جيدًا وإعداده بعدة طرق، ليصبح جاهزًا للطهي .

تتنوع طرق إعداد الحنشان في مطابخ بورسعيد، وأشهرها الحنشان السنجاري والصنية مع البطاطس، حيث يُفتح الثعبان من المنتصف ويُتبل بالثوم والليمون والكمون والفلفل ويُشوى في الفرن أو على الفحم، فيكتسب طعمًا قويًا غنيًا بنكهات البحر.

كما يفضله البعض مقليًا في الزيت بعد تتبيله بالدقيق والبهارات، فيصبح مقرمشًا من الخارج وطريًا من الداخل، وهناك من يقدمه في صينية بالفرن مع الطماطم والفلفل والزيت، وهي طريقة تضيف إليه نكهة دسمة محببة لأهل بورسعيد.

يعتبر ثعبان البحر من أكثر الأسماك احتواءً على الدهون الصحية الأوميجا 3، والبروتينات، والمعادن مثل الكالسيوم والزنك والفسفور، ويُعرف محليًا بأنه وجبة الشتاء القويّة، لأنه يمنح الجسم طاقة ودفئًا كبيرين، خاصة في الأيام الباردة على شاطئ البحر، يؤكد خبراء التغذية أن لحم الحنشان غني بالعناصر التي تساعد على تقوية المناعة وتحسين الدورة الدموية.

ورغم الإقبال المتزايد عليه، يبقى الحنشان من الأسماك النادرة نسبيًا في الأسواق، مما يجعل سعره مرتفعًا مقارنة بغيره من الأسماك، ولكن ذلك لم يمنع عشاقه من البحث عنه في أسواق بورسعيد، مثل السوق الحضاري الجديد، حيث يُعرض في المواسم المحددة من السنة.

لم تعد أكلة الحنشان مجرد وجبة بحرية، بل أصبحت جزءًا من الهوية البورسعيدية التي تعتز بموروثها البحري، فالمحافظة التي عُرفت بمواسم البوري والبطارخ، تحتفظ أيضًا بمكانة خاصة لثعبان البحر، الذي يجمع بين الفخامة والطابع الشعبي في آن واحد.

حنشان

حنشان وسط الأسماك

الحنشان والأسماك

الحنشان في السوق